07 - 05 - 2025

كلام والسلام | حزمنى .. يا

كلام والسلام | حزمنى .. يا

الجعان يحلم بسوق العيش، ويقول باب الخمارة فين.. والمصري يحلم هذه الٱيام بحزمة .. ليست حزمة جرجير ولا بصل ولا حتي كرات، بل حزمة أسموها حزمة حماية اجتماعية تغنيه عن سؤال اللئيم ومد اليد، لله يامحسنين .. للي يسوى ومايسواش، وعشانا عليك يارب، لغاية مايبان لينا صاحب. 

والحكاية ليست في الحزمة وليست في حجمها ولا متي وكيف ستصرف، ولكن الحكاية .. في حزمة وليس حسبة برما للمصريين مع أزماتهم وفواتيرهم وأفواههم المفتوحة.. مع أزمة اقتصادية طالت وستطول، وطالت الفقير واللي كان متوسطا وأصبح فقيرا، والغني كمان .. يا حرام. 

والحكاية.. في أن تلك الأزمة صارت مزمنة.. لايصلح معها إلا بتر أو علاج ناجع، يقتلعها من جذورها وليس مجرد مسكنات.. تخدر الآلام إلي حين، دون علاج واضح وحتمي. 

والحكاية أننا .. أنا وأنت وهي وهو وهم، صرنا مدمنين لتلك المسكنات، علي طريقة اديني الحزمة بسرعة، وماتنسانيش في الجرعة. 

والحكاية.. أننا كلنا كده بربطة المعلم، صرنا نعيش اليوم بيومه، احيينا النهاردة، وماتفكرش في بكره، أو عصفور في اليد خير من عشرة فوق الشجرة، وصرنا ننتظر حزمة الحكومة.. كانتظار العاشق لمحبوبته، يعد ساعات ودقائق وثواني الانتظار علي لحظة اللقاء. 

والحكاية .. أننا كلنا كده بربطة نفس المعلم، صرنا لانفكر في مستقبل لنا أو لأولادنا، فقد قالوا لنا وزنوا على رؤوسنا، بأن الأزمة مطولة معانا حبتين. ومن سذاجتنا صدقناهم مرارا وتكرارا، حتي استمرت الأزمة تلو الأزمة، وتعايشنا معها كفرد معانا في البيت.. تأكل من اكلنا وتشرب من شربنا. 

وعبر عقود .. صدعوا رؤوسنا بعبارات مثل عام الحسم وعنق الزجاجة وعام الرخاء وعام 2000 اللي عدي عليه ربع قرن.. وكانوا يستشهدون به بأنه عام بداية الانطلاقة، والخروج من عنق الزجاجة.. التي ضاعت وضيعتنا معها. 

والحكاية .. أننا كلنا كده وبربطة الحزمة، صرنا نرضي بقليله.. وبما تجود به الحكومة، وبما يتيسر من نقود.. واحمدوا ربنا إحنا أحسن من غيرنا. 

والحكاية .. التي أصبحت ماسخة، أننا صرنا نكلم أنفسنا، في البيت والشارع والعمل والمواصلات وعلي المقاهي.. ونحن نحتسي كوبا من الشاي، بشىء وشويات، سواء كنا شبابا مش لاقيين شغلانة واللا موظفين علي باب الله، أو أرباب معاشات.. أكل عليهم الزمان وشرب، وتركهم نهبا للمرض والعوز وقلة الحيلة،  أو ننظر بغرابة مع خيالنا المريض علي شاشة تلفاز.. تقول لنا أننا نعيش في امريكا مثلا أو في أوروبا والبلدان المتقدمة.. مع أننا نسأل الله حق النشوق.  

صرنا نشبه عبده الكحيت، الذى لايملك إلا زيرا أو قلة يشرب منها وحصيرة ينام عليها وكسرة خبز يأكلها.. ويحدثك عن الملايين والمليارات، وهو أقرع ونزهي.
-----------------------------------
بقلم: خالد حمزة
[email protected]  

مقالات اخرى للكاتب

كلام والسلام | لا أحد ينام في مصر